عقب عمليات شد وجذب استمرت اشهرا طوال، مرر البرلمان العراقي في 31 آذار الماضي مشروع قانون الموازنة العامة للبلاد لعام 2021، ليكون بذلك قد انجز شوطا مهما في السنة الأخيرة لعمله، قبل ان يصوت على حل نفسه في تاريخ 7 تشرين الأول من العام الجاري على أن تجرى الانتخابات في موعدها بالعاشر من تشرين الأول 2021.
استبشر الشارع خيرا، رغما ما حملته الموازنة في فقراتها من ظلم لطبقات عدّة وفق ما وصفه برلمانيون، لكن لم ينتهي الامر عند هذا الحد، فقد صادق رئيس الجمهورية برهم صالح على مشروع قانون الموازنة وانتقل الأمر اخيرا إلى جريدة الوقائع الرسمية، وهنا جاءت المشكلة، فما نُشر بالوقائع هو مسودة للموازنة تختلف في جداولها والحسابات التي تحتويها عن المسودة التي صوت عليها البرلمان.
اختلافات كبيرة
يرى خبراء في القانون، أن الاختلاف في جداول الموازنة، أو حتى اذا كان الاختلاف بفقرة أو كلمة واحدة بين ما ينشر في الجريدة الرسمية وماصوت عليه البرلمان يعد مخالفا للدستور.
والاختلافات جاءت على النحو التالي:
في المادة الأولى النص المكتوب تُذكر تقديرات ايرادات الموازنة بمبلغ (١٠١) تريليون تقريبا وتشير في نفس المادة بعبارة ( حسبما مبين في الجدول /أ-) الملحق بهذا القانون .. ولكن مجموع الإيرادات المذكورة في الجدول ( أ) الملحق مسجلة بمبلغ (٩٣) تريليون دينار فقط، وهذا التنافي بين ما مذكور في المادة الأولى كتابة لتقديرات الإيرادات وما مذكور في الجدول (أ) الملحق يتطلب تصحيحا وفق ما صوّت عليه البرلمان في هذه المادة.
في المادة الثانية/ اولآ -١ – يذكر النص المكتوب ان النفقات التشغيلية تبلغ 90 تريليون وخمسمائة مليار دينار تقريبا توزع على وفق الحقل (١،٢،٣) من الجدول (ب) وحينما تراجع الجدول (ب) تجد ان مجموع هذا المبلغ فقط في الحقل (١) بعنوان اجمالي التشغيلية بينما الحقل (٢) يشير الى مبلغ اخر (٩) تريليون تقريبا بعنوان المديونية، ويشير الحقل (٣) في الجدول الى مبلغ (البرامج الخاصة تقريبا (١،٢) تريليون .
وأيضا، تم نشر جدولين ملحقين بنصوص قانون الموازنة المكتوبة احدهما يطابق النصوص المكتوبة في قانون الموازنة بإجمالي النفقات (١٢٩،٩) تريليون دينار ويوجد جدول ملحق آخر يبين تفاصيل ما مذكور في الموازنة المسربة التي قدرت الإنفاق حينها بمبلغ (١٦٤) تريليون دينار، والمفروض ان يتم نشر الجدول المتطابق بأرقامه مع نصوص الموازنة المكتوبة التي صوّت عليها البرلمان، وتحذف الجداول المقترحة من الحكومة التي كانت تعبر عن نصوص ومواد عدّلها البرلمان وألغى بعضها.
إعادة نشر
ويقول رئيس كتلة النهج الوطني النائب عمار طعمة، إن “وجود جداول ضمن القانون المنشور للموازنة يفهم منها انها جزء من ذلك القانون، فبقاء الجداول التي تعبر عن ارقام الموازنة المسربة بإجمالي انفاق (١٦٤) تريليون دينار على الرغم من تعديلها وتصويت البرلمان على تخفيض مبالغها الى اجمالي (١٢٩،٩) تريليون دينار سيجعلها في قوة الجداول الأخرى”، مطالبا بـ”إعادة نشر وتصحيح قانون الموازنة مع الجداول الملحقة التي تم تعديلها من قبل البرلمان وليس تلك التي اقترحت من الحكومة في الموازنة المسربة”.
ويضيف بالقول: “وجود عبارة (سيناريو تعديل مجلس الوزراء) اعلى الصفحة المنشور فيها الجدول بمبلغ (١٦٤) تريليون لاتزيل الإشكال، لان نشره في جريدة الوقائع يفهم منه قد حاز على قرار التشريع والموافقة، وهنا نطالب رئاسة البرلمان بالتحقيق وبيان أسباب هذا الخطأ في عدم التطابق مابين بعض المنشور في الوقائع وبين الذي صوّت عليه البرلمان “.
الجدير بالذكر ان الحكومة العراقية لم تصدر توضيحا بشأن الاختلاف في مسودتي الموازنة بين ما صوت عليه في البرلمان وما نشر في الوقائع الرسمية.