وكالة أنباء فيلي نيوز
مقالة الدكتور شاكر كتاب “في يوم المرأة العالمي” (1)
كيف يمكن للرجل ان يؤدب المرأة إذا كان هو نفسه من تؤدبه المرأة منذ أن كان جنيناً في رحمها حتى غدا رجلاً يافعاً؟. كيف يسمح لك عقلك ان تساوي بين المرأة والطفل وتطالب الرجل بتأديب المرأة والأطفال؟ كيف ؟ هل أن فارق العمر والخبرة والتجربة لا معنىً له حسب دماغك؟ انا لا أستغرب منك هذا الكلام أبداً. فلقد رأيتُ أمثالك يضربون المرأة امام أطفالها وهم يتصارخون لا يدرون ماذا يفعلون؟. رأيتُ أمثالك يدوسون على كرامات نسائهم بحضور أطفالهم ويتفاخرون حاسبين ان هذه هي “المرجلة”. انك تنسى يوم كنت عاشقاً لها. يوم كنت لا تنام الليل شوقاً إليها. يوم أرسلت لها الرسائل والوسائل للاقتراب منها يا فهيمة. نسيت انك ارسلت أمك وخالاتك وأخواتك لها ولأمها كي يخطبنها لك ويمهدن الطريق لقدوم الرجال وعلى رأسهم أبوك وأخوك وحموك وذو مالٍ لا فضَّ فوك. لا بل دعني اذكّرك بما لم يقله لك أحد: إن أسلافك العرب القدامى لاسيما في مرحلة ما قبل الاسلام كانوا يقدسون المرأة ويعبدونها بعد أن ظنّوا ان حملها وإنجابها إنساناً هو قدرة الهية تكمن فيها. فعبدوها. هل انتبهت جنابك المحترم الى أن أكثر أسماء الاصنام والالهة هي أنثوية؟ هل فكّرت يوما لماذا؟ هل تعرف عدد الحروب بين القبائل والدول التي وقعت بسبب امرأة ؟ هل تعرف عدد النساء اللاتي قمن بقيادة العالم ودوله وحروبه منذ ان خلق الله الكون حتى يومنا هذا؟ هل تساءلت عن سبب تأنيث الشمس والسماء والنجوم والأرض والشجر؟ والثمر والعين والابتسامة وأوراق الشجر؟ لأن في الانثى تحديداً يكمن سر الحياة وتفاعيل الخلق والنشوء البشري. أنا أدري انك لا تدري ومن جهلك هذا رحتَ تتصور نفسك قوّاما على أمك التي ولدتك وربّتك لتصبح انت رجلا ثم تصبح هي ناقصة عقل يا عاقل يا ابن العاقل. (2) أحذرك وتفسي من غضب المرأة. احذرك ونفسي من انتقامها. احذرك ونفسي مما يمكن ان تخفيه المرأة في قلبها. احذرك من أن تخونها فلن تسامحك أبداً حتى بعد قرنٍ من الزمان. وان سامحتك علناً فلن ينسى لك قلبها هذا. وتعلّم ان نفرتيتي كانت داعمة وساندة للفرعون اخناتون الذي لم يتمكن كل كهنة معابد الإله آمون من اسقاطه رغم دعمهم من قبل الجنرالات لكنه سقط بعد أقل من شهر بعد مغادرة نفرتيتي له حين اكتشفت خيانته لها. تذكر ان قلبها كالجمل في التحمّل وروحها كالقط في الوفاء وصمتها كالبحر وحزنها مأساة ومهما شعرت انت بأهميتك فهي على إستعداد ان تهملك فتغدو انت وما فيك وما عندك ريشة في مهب الريح. كن رجلاً كفءً ستلقاها امرأةً كفءً. (3). مريم هي التي انقذت شقيقها موسى من الذبح والضياع وأعادته إلى أمه وصار نبياً مرسلاً. وان مريم العذراء تمثلت فيها وبها أكبر المعجزات ولها سورة في القرآن الكريم اسمها سورة مريم. وان فاطمة تسمى بأم أبيها وأن أم سلمى كانت مستشارة محمد “ص” وموقفها في صلح الحديبية يشهد له التأريخ. صفية بنت عبد المطلب تصدت للصوص الليل وكانت أجرأ من حسان بن ثابت فقابلت اللص المتسلل لقلعة النساء. ضربته بخشبة على رأسه فأردته قتيلا. وهي شاعرة كان الرسول “ص” يحبها ويحترمها. هل سمعت بأمهات المؤمنين؟ الخنساء شاعرة ملأت الأرض وشغلت الناس والى يومنا هذا نتغنى بملامحها الرائعة. هل تعرف حضرتك زها حديد ؟ هل سمعت بنزيهة الدليمي؟ هل قرأت لنازك الملائكة ؟ هل تعرفت على لميعة عباس عمارة ؟ هل اطربتك يوما أم كلثوم ووردة الجزائرية وشادية ومائدة نزهت او عفيفة اسكندر ؟ (4). هل ستصحو؟ بعد كل هذا هل ستصحو؟. هل ستأخذ ولو وردةً واحدةً وتقدمها لها في عيدها اليوم؟ هل تهنيء ولو امرأة واحدةً؟. يا أخي الرجل في البلاد المتحضرة يقبل يد المرأة التي يصافحها تعبيرا عن إحترامه لها. وانا لا أقول لك قبِّل أيادي كل النساء لكن يد أمك على الأقل. واذا ترفض ان تقبل يد زوجتك فلا تنهرها وقل لها قولاً كريماً. (5) جلَّ ما أخشاه ان تكون أنت أميّاً فلا تقرأ رسالتي هذه او إنك ستقرأها لكن عقلك الحجري سيضحك.