وكالة أنباء فيلي نيوز
د.شاكركتاب “أكتبوا تأريخ الفساد”.
يتوهم من يظن أن الفساد هو السرقة وحدها. ويتوهم أكثر من يظن أن الفساد هو الممارسات الجنسية غير المشروعة. الفساد أيها الناس منظومة كبرى ومتشعبة. الفساد له معجم من مفردات لا يعلمها الا السياسيّون والمؤرخون المتخصصون بالأزمات الاجتماعية والثقافية. لكن ما هو أغرب من الغريب أن تنفرد بلادنا العراق بحالات تنتمي الى دنيا الفساد اكثر من أي بلد آخر في العالم. بل لنا الحق ان نطالب ببراءة إختراع لبعض أنواع الفساد لأنها جديدة تماما ووليدة أدمغة مبدعة في آفات الفساد. ستتوقف الأجيال القادمة مندهشة إزاء ما ستعرفه عن واقعنا الحالي. لكن أمامنا اليوم مهمة خاصة. خاصة جدا. وهي في الحقيقة دعوة مخلصة لكل عراقي يعمل – ويأمل -على إسقاط إمبراطورية الفساد وتخليص الوطن والناس من عفونة الفاسدين وفسادهم. المهمة هي البدء فوراً بتدوين حالات الفساد مهما صغرت او كبرت. فما الكبير منها الا كان يوما ما صغيرا فنما وغدا كبيرا. وما يبدو لنا صغيراً في يومنا هذا سيتدحرج مثل كرة الثلج ليغدو كبيرا قريبا جدا. فمن يرتكب جريمة القتل كان قبلها قد مرَّ بمراحل إعداد هيأته ليصبح محترفا في القتل. السارق كذلك. يسرق اليوم مبلغا بسيطا وعما قريب سيصبح أحد أكبر فرسان الفساد في محيطه ثم في البلاد كلها. وفي الحقيقة فإن مفردات اخطبوط الفساد عديدة حتى بدا أن النجاة صارت مستحيلة او على الأقل في عداد المعجزات. لنكتب إذن عن جرائم القتل بالاسم والزمان والمكان ، القاتل والضحية وكل التفاصيل. اكتبوا عن السرقات. من يسرق؟ ماذا سرق؟ كم ؟ أين ومتى ؟ وهاكم مسلسل حلقات الفساد التي يجب ان نفضحها وإذا كنا نخشى الاعتداء جراء ذلك فلنكتفي بكتابتها والاحتفاظ بها الى وقت مناسب لتسليمها الى القضاء :- قتل سرقات كوميشنات رشاوى تخريب تهريب اغتصاب تعذيب خيانة مخدرات طائفية خداع خرافات تزوير استيلاء عمالة غسيل أموال استغلال عصابات أسلحة دعارة شذوذ.إنه تاريخ بلادنا يزهق روحها الأخطبوط. ليكن تحت يد كل عراقي سجّل بجرائم الفساد بانواعه كلها. اكتبوه تأريخهم بشجاعة ومواجهة جريئة مع النفس أولاً ومع الواقع كله ثانياً ومع الفساد وحيتانه دائما.